Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 6/19/2025
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:01أن خلوق التجار نازلة عن خلق الأشراف والملوك وذلك أن التجار في غالب أحوالهم إنما يعانون البيع والشراء
00:13ولا بد فيه من المكايسة ضرورة فإن قتصر عليها قتصرت به على خلقها وهي أعني خلق المكايسة
00:25بعيدة عن المرؤة التي تتخلق بها الملوك والاشراف وأما إن استرذل خلقه بما يتبع ذلك في أهل الطبقة السفلى منهم
00:37من المماحكة والغش والخلابة وتعاهد الأيمان الكاذبة على الأثمان ردا وقبولا
00:45فأجدر بذلك الخلق أن يكون في غاية المذلة لما هو معروف
00:52ولذلك تجد أهل الرئاسة يتحامون الاحتراف بهذه الحرفة لأجل ما يكسب من هذا الخلق
01:01وقد يوجد منهم من يسلم من هذا الخلق ويتحاماه لشرف نفسه وكرم خلاله
01:10إلا أنه في النادر بين الوجود والله يهدي من يشاء بفضله وكرمه
01:19وهو رب الأولين والآخرين
01:23في نقل التاجر للسلع
01:26التاجر البصير بالتجارة لا ينقل من السلع إلا ما تعم الحاجة إليه من الغني والفقير والسلطان والسوق
01:35إذ في ذلك نفاق سلعته وأما إذا اختص نقله بما يحتاج إليه البعض فقد يتعذر نفاق سلعته حينئذ بإعواز الشراء من ذلك البعض لعارض من العوارض
01:51فتكسد سوقه وتفسد أرباحه
01:54وكذلك إذا نقل السلعة المحتاج إليها فإنما ينقل الوسط من صنفها
02:01فإن العالي من كل صنف السلع إنما يختص به أهل الثروة وحاشية الدولة وهم الأقل
02:09وإنما يكون أسوة في الحاجة إلى الوسط من كل صنف
02:14فليتحر ذلك جهده ففيه سلعته أو كسادها
02:19وكذلك نقل السلع من البلد البعيد المسافة أو في شدة الخطر في الطرقات يكون أكثر فائدة للتجار وأعظم أرباح وأكفل بحوالة الأسواق
02:31لأن السلعة المنقولة حينئذ تكون قليلة معوزة لبعد مكانها أو شدة الغرر في طريقها
02:39فيقل حاملوها ويعز وجودها
02:43وإذا قلت وعرت غلت أثمانها
02:47وأما إذا كان البلد قريب المسافة والطريق سابلا بلم
02:54فإنه حينئذ يكثر ناقلوها فتكثر وترخص أثمانها
02:59فأما المترددون في أفوق واحد ما بين أمصاره وبلدانه
03:04ففائدتهم قليلة وأرباحهم تافهة لكثرة السلع وكثرة ناقليها
03:12إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين
03:18في الاحتكار ومما اشتهر عند ذوي البصر والتجربة في الأمصار
03:25أن احتكار الزرع لتحين أوقات الغلاء مشؤوم
03:29وأنه يعود على فائدته بالتلف والخسران
03:34وسبابه والله أعلم أن الناس لحاجتهم إلى الأقوات
03:39مضطرون إلى ما يبذلون فيها من المال الطرارة
03:44فتبقى النفوس متعلقة به
03:47وفي تعلق النفوس بمالها سر كبير في وباله على من يأخذه مجانا
03:56ولعله الذي اعتبره الشارع في أخذ أموال الناس بالباطل
04:01وهذا وإن لم يكن مجانا فالنفوس متعلقة به
04:06لإعطائه ضرورة من غير سعة في العذر فهو كالمكره
04:12وما عدى الأقوات والمأكولات من المبيعات للطرارة للناس إليها
04:18وإنما يبعثهم عليها التفنن في الشهوات
04:22فلا يبذلون أموالهم فيها إلا باختيار وحرص
04:27ولا يبقى لهم تعلق بما أعطوه
04:31فلهذا يكون من عرف بالاحتكار
04:38تجتمع القوى النفسانية على متابعته لما يأخذه من أموالهم
04:45فيفسد ربحه والله تعالى أعلم
04:48في أن رخص الأسعار مضر بالمحترفين بالرخيص
04:53وذلك أن الكسبة والمعاشى كما قدمناه إنما هو بالصنائع أو التجارة
04:59والتجارة هي شراء البضائع والسلع
05:02والدخارها يتحين بها حوالة الأسواق بالزيادة في أثمانها
05:08ويسمى ربحها
05:10ويحصل منه الكسبة والمعاشى للمحترفين بالتجارة دائما
05:16فإذا استديم الرخص في سلعة أو عرض من مأكول أو ملبوس أو متمول على الجملة
05:24ولم يحصل للتاجر حوالة الأسواق فسد الربح والنماء بطول تلك المدة
05:30وكسدت سوق ذلك الصنف
05:33فقعد التجارة عن السعي فيها وفسدت رؤوس أموالهم
05:38واعتبر ذلك أولا بالزرع فإنه إذا استديم رخصه
05:43يفسد به حال المحترفين بسائر أطواره
05:46من الفلح والزراعة لقلة الربح فيه وندارته أو فقده
05:52فيفقدون النماء في أموالهم أو يجدونه على قلة
05:57ويعودون بالإنفاق على رؤوس أموالهم
06:00وتفسد أحوالهم ويصيرون إلى الفقر والخصاصة
06:05ويتبع ذلك فساد حال المحترفين أيضا بالطحن والخبز
06:10وسائر ما يتعلق بالزراعة من الحرث إلى صيرورته مأكولة
06:16وكذا يفسد حال الجند إذا كانت أرزاقهم من السلطان على أهل الفلح زرع
06:24فإنها تقل جبايتها من ذلك ويعجزون عن إقامة الجندية التي هم بسببها
06:30ومطالبون بها ومتقطعون لها فتفسد أحوالهم
06:35وكذا إذا استديم الرخص في السكر أو العسل
06:40فسد جميع ما يتعلق به وقعد المحترفون عن التجارة فيه
06:46وكذا الملبوسات إذا استديم فيها الرخص
06:51فإذا الرخص المفرط يجحف بمعاش المحترفين بذلك الصنف الرخيص
06:59وكذا الغلاء المفرط أيضا وإنما معاش الناس وكسبهم في المتوسط من ذلك
07:04وسرعة حوالة الأسواق
07:07وعلم ذلك يرجع إلى العوائد المتقررة بين أهل العمران
07:13وإنما يحمد الرخص في الزرع من بين المبيعات لعموم الحاجة إليه
07:19والطرار الناس إلى الأقوات من بين الغني والفقير
07:23والعالة من الخلق هم الأكثر في العمران
07:27فيعم الرفق بذلك ويرجح جانب القوت على جانب التجارة في هذا الصنف الخاص
07:35والله الرازق ذو القوة المتين والله السبحانه وتعالى رب العرش العظيم

Recommended