Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 2 days ago
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في صناعة الطب وأنها محتاج إليها في الحواضر والأمصار دون البادية
00:07هذه الصناعة ضرورية في المدن والأمصار لما عرف من فائدتها
00:13فإن ثمرتها حفظ الصحة للصحاء ودفع المرض عن المرضى بالمداوات حتى يحصل لهم البرء من أمراضهم
00:23واعلم أن أصل الأمراض كلها إنما هو من الأغذية
00:30كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الجامع للطب وهو قوله
00:36المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء وأصل كل داء البردة
00:45حسنا نقرأ من حاشية المحقق يقول البرد لا أعلم عن ضبط الباء
00:57الله العالم بسكون الرأي وفتحها هي التخمة وهذا الحديث المذكور حديث موضوع
01:05وقد أخذه الواضعون من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب كما حققه علماء الحديث
01:13نعود لكلام ابن خلدون في الباب يقول فأما قوله المعدة بيت الداء فهو ظاهر
01:23وأما قوله الحمية رأس الدواء فالحمية الجوع وهو الاحتماء من الطعام
01:30والمعنى أن الجوع هو الدواء العظيم الذي هو أصل الأدوية
01:34وأما قوله أصل كل داء البردة فمعنى البردة إدخال الطعام على الطعام في المعدة قبل أن يتم هضم الأول
01:45وشرح هذا أن الله سبحانه خلق الإنسان وحفظ حياته بالغذاء يستعمله بلاكل
01:52وينفذ فيه القوى الهاضمة والغاذية إلى أن يصير دما ملائما لأجزاء البدن من اللحم والعظم
02:00ثم تأخذه النامية فينقلب لحما وعظما
02:03ثم إن أصل الأمراض ومعظمها هي الحميات وهذه الحميات علاجها بقطع الغذاء عن المريض أسابيع معلومة
02:12ثم بتناوله الأغذية الملائمة حتى يتم برؤه
02:19وذلك في حال الصحة علاج في التحفظ من هذا المرض وأصله كما وقع في الحديث
02:26وأما أهل البدو فمأكولهم قليل في الغالب والجوع أغلب عليهم لقلة الحبوب
02:33حتى صار لهم ذلك عادة وربما يظن أنها جبلة لاستمرارها
02:40ثم الأدم قليلة لديهم أو مفقودة بالجملة
02:45وعلاج الطبخ بالتوابل والفواكه إنما يدعو إليه ترف الحضارة الذين هم بمعزل عنه
02:52فيتناولون أغذيتهم بسيطة بعيدة عما يخالطها
02:57ويقرب مزاجها من ملاءمة البدن
03:00وأما أهويتهم فقليلة العفن لقلة الرطوبات والعفونات
03:05إن كانوا آهلين أو لاختلاف الأهوية إن كانوا ضواع
03:09ثم إن برياضة موجودة فيهم لكثرة الحركة في ركض الخيل
03:15أو الصيد أو طلب الحاجات لمهنة أنفسهم في حاجاتهم
03:20فيحسن بذلك كله الهضم ويفقد إدخال الطعام على الطعام
03:30فتكون أمزجتهم أصلح وأبعد من الأمراض
03:34فتقل حاجتهم إلى الطب
03:39ولهذا لا يوجد الطبيب في البادية بوجهه
03:43وما ذاك إلا للاستغناء عنه
03:45إذ لو احتيج إليه لوجد لأنه يكون له بذلك في البدو معاش
03:52يدعوه إلى سكناه
03:54سنة الله التي قد خلت في عباده
03:57ولن تجد لسنة الله تبديلا
04:00في أن الخط والكتابة من عداد الصناعي الإنسانية وهو رسوم وأشكال حرفية تدل على الكلمات المسموعة
04:10الدالة على ما في النفس
04:13فهو ثاني رتبة من الدلالة اللغوية وهو صناعة شريفة
04:21إذ الكتابة من خواص الإنسان التي يميز بها عن الحيوان
04:27وأيضا فهي تطلع على ما في الضمائر وتتأدى بها الأغراض إلى البلد البعيد
04:35فتقضى الحاجات وقد دفعت مؤونة المباشرة لها
04:42ويطلع بها على العلوم والمعارف وصحف الأولين
04:48وما كتبوه من علومهم وأخبارهم
04:51فهي شريفة بهذه الوجوه والمنافع
04:54وخروجها في الإنسان من القوة إلى الفعل إنما يكون بالتعليم
04:59وعلى قدر الاجتماع والعمران والتناغي في الكمالات والطلب
05:04لذلك تكون جودة الخط في المدينة
05:06إذ هو من جملة الصنائع
05:08وقد قدمنا أن هذا شأنها
05:11وأنها تابعة للعمران
05:14ولهذا نجد أكثر البدو
05:17أميين لا يكتبون ولا يقرؤون
05:20ومن قرأ منهم أو كتب
05:22فيكون الخط قاصرا وقراءته غير نافذة
05:27ونجد تعليم الخط في الأمصار الخارج عمرانها
05:33عن الحد أبلغ وأحسن وأسهل طريقة
05:36لاستحكام الصنعة فيها
05:39فتعضد لديه رتبة العلم والحس في التعليم
05:45وتأتي ملكته على أتم الوجوه
05:48وإنما أتى هذا من كمال صنائع
05:51ووفورها بكثلة العمران وانفساح الأعمال
05:55وقد كان الخط العربي بالغا مبالغه
05:58من الإحكام والإتقان والجودة
06:01في دولة التبابعة
06:02لما بلغت من الحضارة والترف
06:04وهو المسمى بالخط الحمياري
06:06وانتقل منها إلى الحيرة
06:09لما كان بها من دولة آل المنذر
06:13نسباء التبابعة في العصبية
06:16والمجددين لملك العرب بأرض العراق
06:19ولم يكن الخط عندهم من الإجادة
06:22كما كان عند التبابعة لقصور ما بين الدولتين
06:25وكانت الحضارة وتوابعها من الصنائع وغيرها
06:29قاصرة عن ذلك
06:31ومن الخيرة لقنه أهل الطائف وقريش فيما ذكر
06:37عن حرب بن أمية
06:40قلت وممن أخذه حرب
06:43قال من عبد الله بن جدعان
06:45قلت وممن أخذه عبد الله بن جدعان
06:48قال من أهل الأنبار
06:51قلت وممن أخذه الأنبار
06:53قال من طارئ طرأ عليهم من أهل اليمن
06:57قلت وممن أخذه ذلك الطارئ
07:00قال من الخلجان بن قاسم
07:04كاتب الوحي لهود النبي صلى الله عليه وسلم
07:08وكان لي حمير كتابة تسمى المسند
07:12حروفها منفصلة
07:14وكانوا يمنعون من تعلمها إلا بإذنهم
07:18ومن حميرا تعلمت مضر الكتابة العربية
07:22إلا أنهم لم يكونوا مجيدين لها شأن الصنائع
07:27إذا وقعت بالبدو
07:28فلا تكون محكمة المذاهب
07:31ولا مائلة إلى الاتقان والتنميق
07:36لبون ما بين البدو والصناعة
07:38واستغناء البدو عنها في الأكثر
07:41فكانت كتابة العرب بدوية مثل كتابتهم أو قريبا من كتابتهم لهذا العهد
07:48أو نقول إن كتابتهم لهذا العهد أحسن صناعة
07:52لأن هؤلاء أقرب إلى الحضارة ومخالطة الأمصار والدول
07:58وأما مضر فكانوا أعرق في البدو
08:01وأبعد عن الحضر من أهل اليمن وأهل العراق وأهل الشام ومصر
08:07فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإيجادة
08:16ولا إلى التوسط
08:17لما كان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع
08:22وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف
08:26حيث رسمه الصحابة بخطوطهم
08:29وكانت غير مستحكمة في الإيجادة
08:33فخالف الكثير من رسومهم ما قلتضته الرسوم صناعة الخط عند أهلها
08:39ثم قلتف التابعون من السلف
08:42رسمهم فيها تبركا بما رسمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
08:48وخير الخلق من بعده
08:51المتلقون لوحيه من كتاب الله وكلامها
08:59كما يقتفى لهذا العهد خط ولي أو عالم تبركا ويتبع رسمه خطأا أو صوابا
09:08وأين نسبة ذلك من الصحابة فيما كتبوه
09:12فاتبع ذلك وأثبت رسما ونبه العلماء بالرسم على مواضعه
09:18واعلم أن الخط ليس بكمال في حقهم
09:21إذ الخط من جملة الصنائع المدنية المعاشية كما رأيته فيما مر
09:27والكمال في الصنائع إضافي وليس بكمال مطلق
09:31إذ لا يعود نقصه على الذات في الدين ولا في الخلال
09:36وإنما يعود على أسباب المعاش وبحسب العمران والتعامن عليه لأجل دلالته على ما في النفوس
09:43وقد كان صلى الله عليه وسلم أميا
09:47وكان ذلك كمالا في حقه وبالنسبة إلى مقامه لشرفه وتنزهه عن الصنائع العملية
09:55التي هي أسباب المعاش والعمران كلها
09:58وليست الأمية كمالا في حقنا نحن إذ هو منقطع إلى ربه
10:05ونحن متعاونون على الحياة الدنيا
10:08شأن الصنائع كلها حتى العلوم الاصطلاحية
10:13فإن الكمال في حقه هو تنزهه عنها جملة بخلافنا
10:18ثم لما جاء الملك للعرب وفتحوا الأمصار وملك الممالك ونزلوا البصرة والكوفة
10:25واحتاجت الدولة إلى الكتابة استعملوا الخط وطلبوا صناعته وتعلمه وتداولوه
10:33فترقت الإجادة فيه واستحكم وبلغ في الكوفة والبصرة رتبة من الإتقان
10:41إلا أنها كانت دون الغاية
10:43والخط الكوفي معروف الرسم لهذا العهد
10:47ثم انتشر العرب في الأقطار والممالك
10:50وافتتحوا إفريقية واللندلس واختط بن العباس بغداد
10:55وترقت الخطوط فيها إلى الغاية
10:58لما استبحرت في العمران وكانت دار الإسلام ومركز الدولة العربية
11:03وطمى بحر العمران والحضار في الدول الإسلامية في كل قطر
11:10وعظم الملك ونفقت أسواق العلوم وانتسخت الكتب
11:14وأجيد كتبها وتجليدها وملئت بها القصور والخزائن الملوكية
11:21بما لا كفاه له وتنافس أهل القطار في ذلك وتناغوا فيه
11:28واعلم أن الخط بيان عن القول والكلام
11:31كما أن القول والكلام بيان عن ما في النفس والضمير من المعاني
11:37فلابد لكل منهما أن يكون واضح الدلالة
11:41قال الله تعالى خلق الإنسان علمه البيان
11:48وهو يشتمل على بيان لدلة كلها
11:51فالخط المجود كماله أن تكون دلالته واضحة بإبانة حروفه المتواضعة
12:00وإيجادة وضعها ورسمها كل واحد على حدة
12:06متميزة عن الآخر
12:08إلا ما اصطلح عليه الكتاب في إيصال حروف الكلمة الواحدة
12:13بعضها ببعض

Recommended