Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 5 days ago
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:01في أن بيتغاء الأموال من الدفاء والكنوز ليس بمعاش طبيعي
00:06اعلم أن كثيرا من الضعفاء العقول في الأمصار يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض
00:11ويبتغون الكثب من ذلك
00:13ويعتقدون أن أموال الأمم السالفة مختزنة كلها تحت الأرض مختوم عليها
00:19كلها بطلاسمة سحرية
00:21لا يفض ختامها ذلك إلا من عثر على علمه
00:25واستحضر ما يحلهم من البخور والدعاء والقربان
00:30والذي يحمل على ذلك في الغالب زيادة على ضعف العقل
00:34إنما هو العجز عن طلب المعاش بالوجوه الطبيعية للكسب من التجارة والفلح والصناعة
00:40فيطلبونه بالوجوه المنحرفة
00:42وعلى غير المجرى الطبيعي من هذا وأمثاله
00:46عجزا عن السعي في المكاسب وركونا إلى تناول الرزق من غير تعب ولا نصب في تحصيله واكتسابه
00:54ولا يعلمون أنهم يوقعون أنفسهم ببثغاء ذلك من غير وجهه
01:00في نصب ومتاعب وجهد شديد أشد من الأول
01:05ويعرضون أنفسهم مع ذلك لمنال العقوبات
01:09وربما يحمل على ذلك في الأكثر زيادة الترف وعوائده وخروجها عن حد النهاية
01:15حتى تقصر عنها وجوه الكسب ومذاهبه
01:18ولا تأفي بمطالبها
01:21فإذا عجز عن الكسب بالمجرى الطبيعي ولم يجد وريجة في نفسه
01:26إلا التمني لوجود المال العظيم دفعة من غير كلفة
01:30ليفي له ذلك بالعوائد التي حصل في أسرها
01:34فيحرص على باتغاء ذلك ويسعى فيه جهده
01:37ولهذا فأكثر من تراهم يحرصون على ذلك
01:42هم المترفون من أهل الدولة ومن سكان الأمصار الكثيرة الترف المتسعة الأحوال
01:48مثل مصر وما في معناها
01:51فنجد الكثير منهم مغرمين بباتغاء ذلك وتحصيله ومساءلة الركبان عن شواده
01:58وأما الكلام في ذلك على الحقيقة فلا أصل له في علم ولا خبر
02:03واعلم أن الكنوزة وإن كانت توجد لكنها في حكم نادر على وجه الاتفاق
02:09لا على وجه القصد إليها وليس ذلك بأمر أن يتعم به البلوى
02:14حتى يدخر الناس أموالهم تحت الأرض ويختمون عليها بالطلاسم لا في القديم ولا في الحديث
02:20والركاز الذي ورد في الحديث وفرضه الفقهاء وهو دفين الجاهلية
02:27إنما يوجد بالعثور والاتفاق إلا بالقصد والطلب
02:31وأما قولهم أين أموال الأمم من قبلنا وما علم فيها من الكثرة والوفور
02:38فأعلم أن الأموال من الذهب والفضة والجواهر والأمتعة
02:42إنما هي معادن ومكاسب مثل الحديد والنحاس والرصاص وسائر العقارات والمعادن
02:48والعمران يظهرها بالأعمال الإنسانية ويزيد فيها أو ينقصها
02:53وما يوجد منها بأيدي الناس فهو متناقل متوارث
02:57وربما انتقل من قطر إلى قطر ومن دولة إلى أخرى بحسب أغراضه والعمران الذي يستدعي له
03:05فإن نقص المال في المغرب وإفريقية فلم ينقص ببلاد الصقالبة والإفرنج
03:11وإن نقص في مصر والشام فلم ينقص في الهند والصين
03:16وإنما هي الآلات والمكاسب والعمران يوفرها أو ينقصها
03:20مع أن المعادن يدركها البلاء كما يدرك سائر الموجودات
03:25ويسرع إلى اللؤلؤ والجوهر أعظم مما يسرع إلى غيره
03:29وكذا الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والقصدير ينالها من البلاء والفناء
03:35ما يذهب بأعيانها لآقرب وقت
03:37فيحتاج من وقع له شيء من هذا الوسواس وبتلي به أن يتعوذ بالله من العجز والكسل في طلب معاشه
03:45كما تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وينصرف عن طرق الشيطان ووسواسه
03:52ولا يشغل نفسه بالمجالات والمكاذب من الحكايات والله يرزق من يشاء بغير حساب
04:00في أن الجاه مفيد للمال
04:03وذلك أن نجد صاحب المال والحضوة في جميع أصناف المعاش أكثر يسارا وثروة من فاقد الجاه
04:10والسبب في ذلك أن صاحب الجاه مخدوم بالأعمال يتقرب بها إليه في سبيل التزلف والحاجة إلى جاهه
04:18فالناس معينون له بأعمالهم في جميع حاجاته من ضروري أو حاجي أو كمالي
04:24فتحصل قيم تلك الأعمال كلها من كسبه
04:30وجميع ما من شأنه أن تبذل فيه الأعواض من العمل يستعمل فيها الناس من غير عوض
04:36فتتوفر قيم تلك الأعمال عليه
04:38فهو بين قيم للأعمال يكتسبها وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها فتتوفر عليه
04:45والأعمال لصاحب الجاه كثيرة فتفيد الغنية لأقرب وقت
04:50ويزداد مع الأيام يسارا وثروة
04:53ولهذا المعنى كانت الإمارة أحد أسباب المعاش كما قدمناه
04:57وفاقدوا الجاه بالكلية ولو كان صاحب مال فلا يكون يساره إلا بمقدار ماله وعلى نسبة سعية
05:05وهؤلاء هم أكثر التجار
05:08ولهذا تجد أهل الجاه منهم يكونون أيسر بكثير
05:12ومما يشهد لذلك أن نجد كثيرا من الفقهاء وأهل الدين والعبادة
05:21وأهل الدين والعبادة إذا اشتهروا وحسن الظن بهم واعتقد الجمهور معاملة الله في إرفادهم
05:29فأخلص الناس في إعانتهم على أحوال دنياهم والاعتمال في مصالحهم
05:35أسرعت إليهم الثروة وأصبحوا مياسيرا من غير مال مقتنى
05:40إلا ما يحصل لهم من قيم الأعمال التي وقعت المعونة بها من الناس لهم
05:46رأينا من ذلك أعدادا في الأمصار والمدن وفي البدو
05:50ويسعى لهم الناس في الفلح والتجري وكل قاعد بمنزله لا يبرح من مكانه
05:59فينمو ماله ويعظم كسبه ويتأثل الغنى من غير سعي
06:04ويعجب من لا يفطن لهذا السر في حال ثروته وأسباب غناه ويساره
06:10والله سبحانه وتعالى يرزق من يشاء بغير حسابه
06:15موسيقى

Recommended