Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 6/20/2025
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في أن خلق التجار نازلة عن خلق الرؤساء وبعيدة عن المروءة
00:07قد قدمنا في الفصل قبل له أن التاجر مدفوع إلى معاناة البيع والشراء وجلب الفوائد والارباح
00:13ولابد في ذلك من المكايسة والمماحكة والتحذلق وممارسة الخصومات واللجاج
00:21وهي عوارض هذه الحرفة وهذه الأوصاف نقص من الزكاء والمرؤة وتجرح فيها
00:28لأن الأفعال لا بد من عود آثارها على النفس
00:32فأفعال الخير تعود بآثار الخير والزكاء وأفعال الشر والسفسفة تعود بضد ذلك
00:39فتتمكن وترسخ إن سبقت وتكررت وتنقص خلال الخير إن تأخرت عنها
00:49بما يتطبع من آثارها المذمومة في النفس شأن الملكات الناشئة عن الأفعال
00:55وتتفاوت هذه الآثار بتفاوت أصناف التجار في أطوارهم
01:00فمن كان منهم سافل الطور محالفا لأشرار الباعة أهل الغش والخلابة والفجور في الأثمان إقرار وإنكار
01:09كانت رداءة تلك الخلق عنده أشد
01:12وغلبت عليه السفسفة وبعد عن المرؤة واكتسابها بالجملة
01:19وإلا فلابد له من تأثير المكايسة والمماحكة في مرؤته
01:25وفقدان ذلك منهم في الجملة
01:28ووجود الصنف الثاني منهم الذي قدمناه في الفصل قبله أنهم يدرعون بالجاه ويعوض لهم من مباشرة ذلك
01:37فهم نادر وأقل من النادر
01:39وذلك أن يكون المال قد يوجد عنده دفعة بنوع غريب أو ورثه عن أحد من أهل بيت
01:47فحصلت له ثروة تعينه على الاتصال بأهل الدولة وتكسبه ظهورا وشهرة بين أهل عصره
01:55فيرتفع عن مباشرة ذلك بنفسه ويدفعه إلى من يقوم له به من وكلائه وحشمه
02:04ويسهل له الحكام النصفة في حقوقهم بما يؤنسونه من بره وإتحافه
02:11فيبعدونه عن تلك الخلق بالبعد عن معاناة الأفعال المقتضية لها كما مر
02:17فتكون مرؤتهم أرصخ وأبعد عن تلك المحاجات
02:23إلا ما يسر من آثار تلك الفعال من وراء الحجاب
02:28فإنهم يضطرون إلى مشارفة أحوال أولئك الوكلاء ووفاقهم
02:34أو خلافهم فيما يأتون أو يذرون من ذلك
02:38إلا أنه قليل ولا يكاد يظهر أثره
02:42والله خلقكم وما تعملون
02:44في أن الصناعة لابد لها من المعلم
02:49اعلم أن الصناعة هي ملكة في أمر عملي فكري
02:53وبكونه عمليا هو جسماني محسوس
02:57والأحوال الجسمانية المحسوسة
03:00فنقلها بالمباشرة أوعب لها وأكمل
03:04لأن المباشرة في الأحوال الجسمانية المحسوسة أتم فائدة
03:09والملكة صفة راسخة تحصل عن استعمال ذلك الفعل وتكرره مرة بعد أخرى
03:16حتى ترسخ صورته
03:18وعلى نسبة الأصل تكون الملكة ونقل المعاينة أوعب وأتم من نقل الخبر والعلم
03:26فالملكة الحاصلة عنه أكمل وأرسخ من الملكة الحاصلة عن الخبر
03:31وعلى قدر جودة التعليم وملكة المعلم يكون حذق المتعلم في الصناعة وحصول ملكته
03:39ثم إن الصمائع منها البسيط ومنها المركب والبسيط هو الذي يختص بالضروريات
03:46والمركب هو الذي يكون للكماليات
03:49والمتقدم منها في التعليم هو البسيط لبساطته أولا
03:55ولأنه مختص بالضروري الذي تتوفر الدواعي على نقله
04:00فيكون سابقا في التعليم ويكون تعليمه لذلك ناقصا
04:05ولا يزال الفكر يخرج أصنافها ومركباتها من القوة إلى الفعل
04:11بالاستنباط شيئا فشيئا على التدريج حتى تكمل
04:16ولا يحصل ذلك دفعة وإنما يحصل في أزمان وأجيال
04:21إذ خروج الأشياء من القوة إلى الفعل لا يكون دفعة لا سيما في الأمور الصناعية
04:27فلابد له إذن من زمان ولهذا تجد الصناع في الأمصار الصغيرة ناقصة
04:35ولا يوجد منها إلا البسيط
04:39فإذا تزايدت حضارتها ودعت أمور الترف فيها إلى استعمال الصناعي خرجت من القوة إلى الفعل
04:47وتنقسم الصناع أيضا إلى ما يختص بأمر المعاش ضروريا كان أو غير ضروري
04:54وإلى ما يختص بالأفكار التي هي خاصية الإنسان من العلوم والصناعي والسياسة
05:01ومن الأول الحياكة والجزارة والنجارة والحدادة وأمثالها
05:08ومن الثاني الوراقة وهي معاناة الكتب بالانتساخ والتجليد
05:14والغناء والشعر وتعليم العلم وأمثال ذلك
05:18ومن الثالث الجندية وأمثالها والله أعلم

Recommended