Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • yesterday
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في من حصلت له ملكة في صناعة فقل أن يجيد بعدها ملكة في أخرى
00:08ومثل ذلك الخياط إذا أجاد ملكة الخياطة وأحكمها ورسخت في نفسه فلا يجيد من بعدها ملكة النجارة أو البناء
00:19إلا أن تكون الأولى لم تستحكم بعد ولم ترسخ صبغتها
00:24والسبب في ذلك أن الملكات صفات للنفس وألوان فلا تزدحم دفعة
00:31ومن كان على الفطرة كان أسهل لقبول الملكة وأحسن استعدادا لحصولها
00:39فإذا تلونت النفس بالملكة الأخرى وخرجت عن الفطرة ضعف فيها الاستعداد باللون الحاصل من هذه الملكة
00:48فكان قبولها للملكة الأخرى أضعف
00:51وهذا بيّن يشهد له الوجود
00:54فقل أن تجد صاحب صناعة يحكمها ثم يحكم من بعدها أخرى
01:01ويكون فيها معا على رتبة واحدة من الإجادة
01:05حتى أهل العلم الذين ملكتهم فكرية فهم بهذه المثابة
01:12ومن حصل منهم على ملكة علم من العلوم وأجادها في الغاية
01:17فقل أن يجيد ملكة علم آخر على نسبته
01:21بل يكون مقصرا فيه إن طلبه
01:24إلا في الأقل النادر من الأحوال
01:27ومبنى سببه على ما ذكرناه من الاستعداد وتلونه بلون الملكة الحاصلة في النفس
01:33والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق لا رب سواه
01:39في الإشارة إلى أمهات الصنائع
01:42اعلم أن الصنائع في النوع الإنساني كثيرة لكثرة الأعمال المتداولة في العمران
01:48فهي بحيث تشذ عن الحصر ولا يأخذها العد
01:51إلا أن منها ما هو ضروري في العمران أو شريف بالموضوع
01:56فنخصها بالذكر ونترك ما سواه
01:59فأما الضروري فالفلاحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة
02:04وأما الشريفة بالموضوع فكالتوليد والكتابة والوراقة والغناء والطب
02:10فأما التوليد فإنها ضرورية في العمران وعامة البلوى
02:15إذ بها تحصل حياة المولود وتتم غالبا
02:19وموضوعها مع ذلك المولودون وأمهاتهم
02:23وأما الطب فهو حفظ صحة الإنسان
02:26ودفع المرض عنه ويتفرع عن علم الطبيعة
02:30وموضوعه مع ذلك بدن الإنسان
02:33وأما الكتابة وما يتبعها من الوراقة
02:36فهي حافظة على الإنسان حاجته
02:38ومقيدة لها عن النسيان
02:42ومبلغة ضمائر النفس إلى البعيد الغائب
02:46ومخلدة نتائج الفكر والعلوم في الصحف
02:50ورافعة الرتب الوجود للمعاني
02:53وأما الغناء فهو نسب الأصوات
02:56فهو نسب الأصوات ومظهر جمالها للأسماع
03:01وكل هذه الصنائع الثلاث
03:03داع إلى مخالطة الملوك الأعظم في خلواتهم ومجالس أنسهم
03:09فلها بذلك شرف ليس لغيرها
03:12وما سوى ذلك من الصنائع فتابعة وممتهنة في الغالب
03:18وقد يختلف ذلك باختلاف الأغراض والدواعي
03:21والله أعلم بالصواب
03:24في صناعة الفلاحة هذه صناعة ثمرتها
03:28اتخاذ الأقوات والحبوب
03:30بالقيام على إثارة الأرض لها
03:33وازدراعها وعلاج نباتها
03:35وتعهده بالسقي والتنمية إلى بلوغ غايته
03:39ثم حصاد سنبله واستخراج حبه من غلافه
03:44وإحكام الأعمال لذلك
03:46وتحصيل أسبابه ودواعيه
03:49وهي أقدم الصنائع لما أنها محصلة للقوت المكمل للحياة الإنسان غالبة
03:57إذ يمكن وجوده من دون جميع الأشياء إلا من دون القوت
04:02ولهذا اختصت هذه الصناعة بالبدو
04:05وإذ قدمنا أنه أقدم من الحضر
04:09وسابق عليه
04:10فكانت هذه الصناعة لذلك بدوية
04:13لا يقوم عليها الحضر ولا يعرفونها
04:17لأن أحوالهم كلها ثانية على البداوة
04:21فصنائعهم ثانية عن صنائعها
04:24وتابعة لها
04:26والله سبحانه وتعالى مقيم العباد فيما أراد
04:30في صناعة البناء
04:32هذه الصناعة أول صنائع العمران الحضري وأقدمها
04:37وهي معرفة العمل في اتخاذ البيوت والمنازل
04:40للكن والمأوى للبدان في المدن
04:43وذلك أن الإنسان لما جبل عليه من الفكر في عواقب أحواله
04:50لا بد أن يفكر فيما يدفع عنه الأذى من الحر والبرد
04:54كاتخاذ البيوت المكتنفة بالسقف والحيطان من سائر جهاتها
04:59ثم المعتدلون المتخذون للمأوى قد يتكاثرون في البسيط الواحد
05:05بحيث يتناكرون ولا يتعارفون
05:08فيخشون طروق بعضهم بعضا
05:11فيحتاجون إلى حفظ مجتمعهم بإدارة ماء أو أسوار تحوطهم
05:17ويصير جميعا مدينة واحدة ومصر واحدة
05:21ويحوطهم الحكام من داخل يدفع بعضهم عن بعض
05:28وقد يحتاجون إلى الانتصاف ويتخذون المعاقل والحصون لهم
05:33ولمن تحت أيديهم مثل الملوك ومن في معناهم من الأمراء وكبار القبائل في المدن
05:40كل مدينة على ما يتعارفون ويصطلحون عليه
05:46ويتناسب مزاج هوائهم واختلاف أحوالهم في الغنى والفقر
05:53وكذا حال أهل المدينة الواحدة
05:55فمنهم من يتخذ القصور والمصانع العظيمة الساحة المجتملة
06:01على عدة الدور والبيوت والغرف الكبيرة لكثرة ولده
06:07وحشمه وعياله وتابعه
06:10ويهيئ مع ذلك الأسراب والمطامير للاختزان لأقواته والاستبلات
06:18لربط مقرباته إذا كان من أهل الجنود
06:22وكثرة التابع والحاشية كالأمراء ومن في معناهم
06:27ومنهم من يبني الدويرة والبييت لنفسه وسكنه وولده
06:33لا يبتغي ما وراء ذلك لقصور حاله عنه وقتصاره على الكن الطبيعي للبشر
06:40وبين ذلك مراتب غير منحصرة
06:44وقد يحتاج لهذه الصناعة أيضا
06:48عند تأسيس الملوك وأهل الدول المدن العظيمة الهياكل المرتفعة
06:56ويبالغون في إتقان الأوضاع وعلو الجرام مع الإحكام
07:01لتبلغ الصناعة مبالغها
07:04وهذه الصناعة هي التي تحصل الدواعي لذلك
07:10ولذلك عندما تكون الدولة بدوية في أول أمرها
07:14تفتقل في أمر البناء إلى غير قطرها
07:17كما وقع للوليد بن عبد الملك حين أجمع على بناء مسجد المدينة والقدس
07:24ومسجده بالشام
07:25فبعث إلى ملك الروم بالقسطنطينية
07:29في الفعلة المهارة في البناء
07:31فبعث إليه من حصل له غرضه من تلك المساجد
07:35ترجمة نانسي قنقر

Recommended