Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 5/30/2025
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:01في ما تجب مراعاته في أوضاع المدن وما يحدث إذا غفل عن تلك المراعاة
00:08اعلم أن المدن قرار يتخذه الأمم عند حصول الغاية المطلوبة من الترف ودواعيه
00:16فتؤثر الدعة والسكون وتتوجه إلى اتخاذ المنازل للقرار
00:22ولما كان ذلك للقرار والمأوى واجب أن يراعى فيه دفع المضار بالحماية من طوارقها وجلب المنافع وتسهيل المرافق لها
00:34فأما الحماية من المضار فيراعى لها أن يدار على منازلها جميعا سياج الأسوار
00:42وأن يكون وضع ذلك في متمنع من الأمكنة
00:47إما على هضبة متوعرة من الجبل وإما باستدارة بحر أو نهر بها حتى لا يوصل إليها إلا بعد العبور على جسر أو قنطرة
01:00فيصعب منالها على العدو ويتضاعف امتناعها وحصنها
01:06ومما يراعى في ذلك للحماية من الآفات السماوية طيب الهواء للسلامة من الأمراض
01:15فإن الهواء إذا كان راكدا خبيثا أو مجاورا للمياه الفاسدة أو منافع متعفنة أو مروج خبيثة أسرع إليه العفن من مجاورته
01:28فأسرع المرض للحيوان الكائن فيه لا محالة وهذا مشاهد
01:33والمدن التي لم يراعى فيها طيب الهواء كثيرة الأمراض في الغالب وقد اشتهر بذلك في قطر المغرب
01:43بلد قابس من بلاد الجريد بإفريقيا
01:47فلا يكاد ساكنها أو طارقها يخلص من حم العفن بوجه
01:53والذي يكشف لك الحق في ذلك أن هذه الأهوية العفنة أكثر مما يهيئها لتعفين الجسام وأمراض الحميات وكودها
02:05فإذا تخللتها الريح وتفشت وذهبت بها يمينا وشمالا
02:12خف شأن العفن والمرض البادي منها للحيوانات
02:16والبلد إذا كان كثير الساكن وكثرت حركات أهله
02:21فيتموج الهواء ضرورة وتحدث الريح المتخللة للهواء الراكد
02:28ويكون ذلك معينا لها على الحركة والتموج
02:32وإذا خف الساكن لم يجد الهواء معينا على حركته وتموجه
02:39وبقي ساكن الراكد وعظم عفنه وكثر ضرره
02:44وأما جلب المنافع والمرافق للبلد فيراعى فيه أمور
02:50منها الماء بأن يكون البلد على نهر أو بإزائها عيون عذبة
02:56فرّة فإن وجود الماء قريبا من البلد يسهل على الساكن حاجة
03:02حاجة الماء وهي ضرورية فيكون لهم في وجوده مرفقة عظيمة عامة
03:09ومما يراعى من المرافق في المدن طيب المراعي لسائمتهم
03:15إذ صاحب كل قرار لابد من دواجن الحيوان للنتاج والضرع والركوب
03:21ولا بد لها من المرعى فإذا كان قريبا طيبا كان ذلك أرفق بحالهم
03:29لما يعانون من المشقة في بعده ومما يراعى أيضا المزارع
03:35فإن الزروع هي الأقوات فإذا كانت مزارع البلد بالقرب منها
03:41كان ذلك أسهل في اتخاذه وأقرب في تحصيله
03:45ومن ذلك الشجر للحطب والبناء
03:49فإن الحطب مما تعم البلوى في اتخاذه لواقود النيران للإصطلاء والطبخ
03:58والخشب أيضا ضروري لسقفهم وكثير مما يستعمل فيه الخشب من ضرورياتهم
04:07وقد يراعى أيضا قربها من البحر لتسهيل الحاجات القاسية من البلاد النائية
04:15إلا أن ذلك ليس بمثابة الأول
04:18هذه كلها متفاوتة بتفاوت الحاجات
04:23وما تدعو إليه ضرورة الساكن وقد يكون الواضع غافلا عن حسن الاختيار الطبيعي
04:30أو إنما يراعي ما هو أهم على نفسه وقومه
04:35ولا يذكر حاجة غيرهم كما فعله العرب لأول الإسلام في المدن التي اختطوها بالعراق وإفريقية
04:42فإنهم لم يراعوا فيها الماء ولا المزارع ولا الحطب ولا مراعي السائمة من ذوات الظلف ولا غير ذلك
04:55كالقيروان والكوفة والبصرة وأمثالها
05:01ولهذا كانت أقرب إلى الخراب لما لم تراع فيها الأمور الطبيعية
05:10فصل ومما يراعى في البلاد الساحلية التي على البحر أن تكون في جبل
05:17أو تكون بين أمة من الأمم موفورة العدد تكون صريخا للمدينة متى طرقها طارق من العدو
05:26والسبب في ذلك أن المدينة إذا كانت حاضرة البحر ولم يكن بساحتها عمران للقبائل أهل العصبيات
05:37ولا موضعها متوعر من الجبل كانت في غرة للبيات
05:42وسهل طروقها في الأساطيل البحرية على عدوها وتحيفه لها
05:50لما يأمل من وجود الصريخ لها
05:54وأن الحضر المتعودين للدعة قد عصاروا عيالا وخرجوا عن حكم المقاتلة
06:00وهذه كالإسكنديرية من المشرق وترابلس من المغرب وبونة وسلا
06:08ومتى كانت القبائل والعصائب متوطنين بقربها بحيث يبلغهم الصريخ والنفير
06:16وكانت متوعرة المسالك من يرومها باختطاطها في هضاب الجبال وعلى أثمنتها
06:25كان لها بذلك منعة من العدو
06:30ويأس من طروقها لما يكابدونه من وعرها
06:35وما يتوقعونه من إجابة صريخها
06:39كما في سبتة وبجاية وبلد القل على صغرها
06:44فافهم ذلك واعتبره في اختصاص الإسكندرية باسم الثغر من لدن الدولة العباسية
06:51مع أن الدعوة من ورائها ببرقة وإفريقية
06:56وإنما اعتبر في ذلك المخافة المتوقعة فيها من البحر لسهولة وضعها
07:03ولذلك والله أعلم
07:06كان طروق العدو للإسكندرية وطرابلس في الملة مرات متعددة
07:13والله تعالى أعلم