Skip to playerSkip to main contentSkip to footer
  • 7/9/2025
علم اجتماع

Category

📚
Learning
Transcript
00:00في أن العلم والتعليم طبيعي في العمران البشري وذلك أن الإنسان قد شاركته جميع الحيوانات في حيوانيته من الحس والحركة والغذاء والكن وغير ذلك
00:17وإنما تميز عنها بالفكر الذي يهتدي به لتحصيل معاشه والتعاون عليه بأبناء جنسه والاجتماع المهيئ لذلك التعاون
00:29وقبول ما جاءت به الأنبياء عن الله تعالى والعمل به واتباع صلاح أخراه فهو مفكر في ذلك كله دائما لا يفتر عن الفكر فيه طرفة عين
00:43بل اختلاج الفكر أسرع من لمح البصر وعن هذا الفكر تنشأ العلوم وما قدمناه من الصنائع
00:52ثم لأجل هذا الفكر وما جبل عليه الإنسان بل الحيوان من تحصيل ما تستدعيه الطبائع
01:01فيكون الفكر راغبا في تحصيل ما ليس عنده من الإدراكات
01:06فيرجع إلى من سبقه بعلم أو زاد عليه بمعرفة أو إدراك أو أخذه من من تقدمه من الأنبياء الذين يبلغونه لمن تلقاه
01:20فيلقن ذلك عنهم ويحرص على أخذه وعلمه
01:27ثم إن فكره ونظره يتوجه إلى واحد واحد من الحقائق وينظر ما يعرض له لذاته واحدا بعد آخر
01:37ويتمرن على ذلك حتى يصير إلحاق العوارض بتلك الحقيقة ملكة له
01:45فيكون حينئذ علمه بما يعرض لذلك حقيقة علما مخصوصا
01:51وتتشوف نفوس أهل الجيل الناشئ إلى تحصيل ذلك
01:56فيفزعون إلى أهل معرفته ويجيء التعليم من هذا
02:01فقد تبين بذلك أن العلم والتعليم طبيعي في البشر
02:07في أن التعليم للعلم من جملة الصناعع
02:11وذلك أن الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه إنما هو بحصول ملكة
02:18في الإحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من أصوله
02:25وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك المتناول حاصلا
02:32وهذه الملكة هي غير الفهم والوعي
02:35لأن نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد
02:40ووعيها مشتركا بين من شد في ذلك الفن وبين من هو مبتدئ فيه
02:49وبين العامي الذي لم يحصل علما وبين العالم النحرير
02:55والملكة إنما هي للعالم أو الشادي في الفنون دون من سواهما
03:02فدل على أن هذه الملكة غير الفهم والوعي
03:08والملكات كلها جسمانية سواء كانت في البدن أو في الدماغ من الفكر وغيره كالحساب
03:16والجسمانيات كلها محسوسة فتفتقر إلى التعليم
03:23ولهذا كان السند في التعليم في كل علم أو صناعة إلى مشاهير المعلمين فيها
03:30معتبرا عند كل أهل أفق وجيل
03:34ويدل أيضا على أن تعليم العلم صناعة
03:38اختلاف الاصطلاحات فيه فلكل إمام من الآئمة المشاهير
03:43اختلاح في التعليم يختص به شأن صنائع كلها
03:48فدل على أن ذلك الاصطلاح ليس من العلم وإلا لكان واحدا عند جميعهم
03:54ألا ترى إلى علم الكلام كيف تخالف في تعليمه اصطلاح المتقدمين والمتأخرين
04:03وكذا أصول الفقه وكذا العربية وكذا كل علم يتوجه إلى مطالعته
04:13تجد الاصطلاحات في تعليمه متخالفة
04:17فدل على أنها صناعات في التعليم والعلم واحد في نفسه
04:22وإذا لم يتصل سند التعليم فيهم
04:26فعسر عليهم حصول الملكة والحذق في العلم
04:31وأيسر طرق هذه الملكة
04:34فاتقوا اللسان بالمحاولة والمناظرة في المسائل العلمية
04:39فهو الذي يقرب شأنها ويحصل مرامها
04:44فتجد طالب العلم منهم بعد ذهاب الكثير من أعمارهم في ملازمة المجالس العلمية السكوتة
04:53لا ينطقون ولا يفاوضون
04:55وعنايتهم بالحفظ أكثر من الحاجة
05:00فلا يحصلون على طائل من التصرف في العلم والتعليم
05:06ثم بعد تحصيل من يرى منهم أنه قد حصل
05:10تجد ملكته قاصرة في علمه إن فاوض أو ناظر أو علم
05:16وما أتاهم القصور إلا من قبل التعليم وانقطاع سنده
05:21وإلا فحفظهم أبلغ من حفظ سواهم لشدة عنايتهم به
05:27وظنهم أنه المقصود من الملكة العلمية
05:32وليس كذلك
05:34ولم ينقطع سند التعليم في المشرق
05:37بل أسواقه نافقة وبحوره زاخرة
05:41لاتصال العمران الموفور واتصال السند فيه
05:45فأهل المشرق على الجملة أرسخ في صناعة تعليم العلم
05:49بل وفي سائر الصنائع
05:52حتى إنه ليظن كثير من رحالة أهل المغرب إلى المشرق في طلب العلم
05:59أن عقولهم على الجملة أكمل من عقول أهل المغرب
06:04وأنهم أشد نباهة وأعظم كيسا بفطرتهم الأولى
06:10وأن نفوسهم الناطقة أكملوا بفطرتها من نفوس أهل المغرب
06:17ويعتقدون التفاوت بيننا وبينهم
06:21في حقيقة الإنسانية ويتشيعون لذلك
06:25ويولعون به لما يرون من كيسهم في العلوم والصنائع
06:30وليس كذلك
06:31وليس بين قطر المشرق والمغرب تفاوت بهذا المقدار
06:36الذي هو تفاوت في الحقيقة الواحدة
06:39اللهم إلا الأقاليم المنحرفة
06:42مثل الأول والسابع
06:46فإن لمزجة فيها منحرفة والنفوس على نسبتها كما مر
06:51وإنما الذي فضل به أهل المشرق أهل المغرب
06:58هو ما يحصل في النفوس من آثاره
07:03الحضارة من العقل المزيد كما تقدم في الصنائع
07:07ونريده الآن تحقيقا
07:09وذلك أن الحضر لهم آداب في أحوالهم في المعاشي والمسكن والبناء وأمور الدين والدنيا
07:17وكذا سائر أعمالهم وعاداتهم ومعاملاتهم وجميع تصرفاتهم
07:24فلهم في ذلك كله آداب يوقف عندها في جميع ما يتناولونه ويتلبسون به من أخذ وترك
07:33حتى كأنها حدود لا تتعدى
07:37وهي مع ذلك صنائع يتلقاها الآخر عن الأول منهم
07:43الآخر عن الأول منهم
07:47ولا شك أن كل صناعة مرتبة يرجع منها إلى النفس أثر يكسبها عقلا جديدا
07:56تستعد به لقبول صناعة أخرى
07:59ويتهيأ بها العقل لسرعة الإدراك للمعارف
08:04وحسن الملكات في التعليم والصناع وسائر الأحوال العادية
08:09يزيد الإنسان ذكاء في عقله وإضاءة في فكره بكثرة الملكات الحاصلة للنفس
08:16إذ قدمنا أن النفس إنما تنشأ بالإدراكات وما يرجع إليها من الملكات
08:23فيزدادون بذلك كيسا لما يرجع إلى النفس من الآثار العلمية
08:29فيظنه العامي تفاوتا في الحقيقة الإنسانية وليس كذلك
08:35ألا ترى أهل الحضر مع أهل البدو
08:38كيف تجد الحضرية متحليا بالذكاء ممتلئا من الكيس
08:44حتى إن البدوي ليظنه أنه قد فاته في حقيقة إنسانيته وعقله وليس كذلك
08:54وما ذاك إلا لإجادته في ملكات الصناع والآداب في الموائد والأحوال الحضرية
09:01ما لا يعرفه البدوي
09:04فلما امتلأ الحضري من صناع وملكاتها وحسن تعليمها
09:12ظن كل من قصر عن تلك الملكات أنها لكمال في عقله
09:20وأن نفوس أهل البدو قاصرة بفطرتها وجبلتها عن فطرته
09:27وليس كذلك فإنا نجد من أهل البدو من هو في أعلى رتبة من الفهم والكمال في عقله وفطرته
09:36إنما الذي ظهر على أهل الحضر من ذلك هو رونق الصناع والتعليم
09:43فإن لها آثارا ترجع إلى النفس كما قدمناه
09:47وكذا أهل المشرق لما كانوا في التعليم والصناع أرسخ رتبة وأعلى قدم
09:55وكان أهل المغرب أقرب إلى البداوة لما قدمناه في الفصل قبل هذا
10:01ظن المغفلون في بادئ الرأي أنه لكمال في حقيقة الإنسانية اختصوا به عن أهل المغرب
10:12وليس ذلك بصحيح فتفهمه
10:15والله يزيد في الخلق ما يشاء وهو إله السماوات والأرض

Recommended