00:00في أن الصنائع إنما تستجاد وتكثر إذا كثر طالبها
00:06والسبب في ذلك ظاهر وهو أن الإنسان لا يسمح بعمله أن يقع مجانا
00:13لأنه كسبه ومنه معاشه
00:17إذ لا فائدة له في جميع عمره في شيء مما سواه
00:22فلا يصرفه إلا فيما له قيمة في مصره ليعود عليه بالنفع
00:28وإن كانت الصناعة مطلوبة وتوجه إليها النفاق
00:34كانت حينئذ الصناعة بمثابة السلعة التي تنفق سوقها وتجلب للبيع
00:41فتجتهد الناس في المدينة لتعلم تلك الصناعة ليكون منها معاشهم
00:48وإذا لم تكن الصناعة مطلوبة لم تنفق سوقها
00:53ولا يوجد قصد إلى تعلمها
00:57فاختصت بالترك وفقدت للإهمال
01:01ولهذا يقال عن علي رضي الله عنه قيمة كل امرئ ما يحسن
01:08بمعنى أن صناعته هي قيمته أي قيمة عمله الذي هو معاشه
01:15وأيضا فهنا سر آخر وهو أن الصناعة وإجادتها لدولة فهي التي تنفق سوقها وتوجه الطلبات إليها
01:30وما لم تطلبه الدولة وإنما يطلبها غيرها من أهل المصر فليس على نسبتها لأن الدولة هي السوق الأعظم وفيها نفاق كل شيء والقليل والكثير فيها على نسبة واحدة
01:48فما نفق منها كان أكثريا ضرورة
01:52والسوقة وإن طلبوا صناعة فليس طلبهم بعام ولا سوقهم بنافقة
02:01والله سبحانه وتعالى قادر على ما يشاء
02:06في أن الأمصار إذا قاربت الخرابا تقصت منها الصنائع
02:11وذلك لما بينا أن الصنائع إنما تستجاد إذا حتيج إليها وكثر طلبها
02:19وإذا ضعف أحوال المصر وأخذ في الهرم بانتقاض عمرانه وقلة ساكنه تناقص فيه الترف